آخر الأخبار

جاري التحميل ...

نعوذ بالله أن نعبد الله على حرف


نعوذ بالله أن نعبد الله على حرف


إن المؤمن بالله حقاً هو ذاك الذي يمارس عبوديته لله عز وجل في السراء والضراء، يكون عبداً لله عز وجل في السراء بالشكر الدائم لله عز وجل، ويكون عبداً له في الضراء بالصبر والالتجاء الدائم والدائب إلى الله عز وجل، والمؤمن الحق هو ذاك الذي لا يبارح باب مولاه وخالقه في كل الأحوال، وفي كل التقلبات، يظل ملتصقاً باب الله مترامياً على أعتابه، إن كان في سراء يدعوه عز وجل أن لا يفقده الخير الذي أكرمه به، وأن يبقي له السعادة التي متعه بها، وإن كان في ضراء دعاه سبحانه وتعالى أن يكشف عنه ضره، والدعاء مظهر من أهم مظاهر العبودية لله عز وجل ولا ينفك الإنسان في كل أحواله عن الاحتياج إلى دعائه سبحانه وتعالى،

ومن المهم أيها الإخوة أن نعلم أن هناك فرقاً كبيراً بين الطلب وبين الدعاء، الطلب يصدر من ذاك الذي يتجه بطلبه إلى ند، يوجه طلبه إليه بناء على شرط اشترطه، أما الدعاء فهو ما يتعالى من العبد إلى الرب من مظاهر الإعلان عن ذله وافتقاره واحتياجه إلى مولاه وخالقه، بل من دلائل رضاه في كل الأحوال عن مولاه وخالقه، رضاه عن كل ما يفد إليه من ربه، هذا هو الدعاء، فرق كبير بين الطلب الذي قد يطلبه الإنسان، وبين الدعاء الذي يتجه به العبد إلى مولاه وخالقه، الدعاء كما ورد في الصحيح هو العبادة، وفي رواية هو (مخ العبادة) أي لب العبادة، والعبد لا يدعو ربه على حرف، أي على شرط، ولا يتجه إلى مولاه وخالقه في حالة دون أخرى،

بل العبد الصادق في عبوديته لله عز وجل يوطن نفسه، أن يظل عبداً لله، متمسكناً على باب الله عز وجل، إن أعطاه أو منعه، إن قبله أو رفضه، هكذا يكون العبد الصادق في عبوديته لله سبحانه وتعالى، أما ذاك الذي إن نظر فوجد أن النعم تهوي عليه من كل جانب، وأن الخير موفور بين يديه، اتجه إلى الله عز وجل بالرضا والشكر والقبول، أما إن وجد أن الخير قد ابتعد عنه وأن البؤس قد طاف به تبرم، وأعرض وتناسى عبوديته لله عز وجل، فهذا إنسان يعبد نفسه، ولا يعبد مولاه وخالقه سبحانه وتعالى، وانظروا إلى قوله عز وجل:

(وَمِنَ النَّاسِ مَن يَعْبُدُ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ فَإِنْ أَصَابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصَابَتْهُ فِتْنَةٌ انقَلَبَ عَلَى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةَ ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ)

نعوذ بالله عز وجل أن نكون من هذا الصنف، نعوذ بالله عز وجل أن نكون ممن يعبد الله على حالة دون أخرى، وهذا معنى قوله على حرف أي على طرف، نحن أيها الإخوة عبيد لله في كل الأحوال، نلتجئ إليه كما التجأنا إليه صبيحة هذا اليوم، ليسقينا، لينجدنا، ليكرمنا، فإن أعطى فذالك شأنه، وتلك صفة من صفاته، وإن منعنا أو حرمنا فنحن عبيده على كل الأحوال، لن نبارح بابه،

ولسوف نعلن عن رضانا عن قضائه وقدره، دعائنا ليس مشروط بشرط، دعائنا دعاء العبد إذ يتقرب به إلى ربه وليس طلباً، وليس طلب ذاك الذي يتجه بطلبه، ويلحق طلبه بشرط أو بشروط، نعم نحن في كل الأحوال مملوكون لله سبحانه وتعالى، إن أعطانا فذالك ظننا به، وإن حرمنا أو منعنا أو طردنا فلن نلتجئ بعد ذالك إلا إلى بابه، نفر منه إليه ونعوذ من سخطه برحمته، ليس لنا باب غير بابه، سنظل عبيداً أوفياء لعبوديتنا لله عز وجل، فلا يقولن قائل ربما انتظر وانتظر أن يجد استجابة للدعاء الذي اتجهت به ثلة من عباد الله إليه فلم يجد مظهر استجابة فتبرم وقال: أين هي استجابة الله عز وجل لنا؟ وأين هي ثمرة التجائكم إلى الله عز وجل؟. لا يقولن قائل هذا،

أولاً: هذا شئننا بالنسبة لمولانا وخالقنا، وقد قال العلماء الدعاء مطلوب لذاته، أي على العبد أن يعلن عن فقره وحاجته وعن مسكنته دائماً، وفي كل الأحوال، ذالك لأن الدعاء يظهر هوية الداعي، يظهر هوية العبد، ويبين أنه حقاً عبد مملوك لله عز وجل، أرأيت إلى الذي يصف نفسه بالعبودية ويعلن عن هويته هذه، عندما يكرمه الله بالعطاء، ثم يعرض عنه ويتأبى على حكمه، عندما يبتليه الله عز وجل بالمحن أو بالمنع، هذا ولله عز وجل ابتلاءات يريد أن يتجلى صدق الصادقين، مع الله عز وجل، نحن شئننا أن نلتجئ إلى الله، ونملك حسن ظننا الدائم بالله، ولنا ثقتنا التي لا حد لها بحكمة الله وبرحمته وكرمه، فإن أعطى فذلك تفضل وإحسان، وإن منع فلحكمة والمنع من الله عطاء، تلك هي حقيقة نؤمن بها، وهذا هو شئننا مع الله سبحانه وتعالى،

أذكر أيها الإخوة أن مجلساً ضمني قبل سنوات، طويلة مع ثلة من الناس، وكان فيهم شاردون تائهون، من هؤلاء الذين كان يقال عنهم ماركسيون، كنت أنصح وكنت أذكر بالله، فقال أحدهم مستخفاً: كم هي المدة التي يمكن أن ننتظرها إن التجأنا إلى الإسلام؟ وإن تمسكنا بمبادئه، خلال أي مدة من الزمن نتحول من التخلف إلى التقدم ومن الفقر إلى الغنى ومن الهوان إلى العز؟ قلت له: إن كنت تشترط على الله سبحانه وتعالى، بإقبالك إليه فإن الله ليس بحاجة إلى إقبالك، ولله عز وجل أن يحرمك ويحرم عباده جميعاً، وأن يبتليهم بكل أنواع الشدائد و (لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)،

أما إن كنت تعلم أنك عبد وأنك المملوك له وأنه ربك وعزمت على أن تتجه إليه عبداً في كل الأحوال وفي كل الظروف والتقلبات فأنا على يقين من أن الله سيكرمك، وإني لأسألك - قلت له - إنك إنسان شيوعي المذهب، هل سألت قادتك كم هي السنوات التي ينبغي أن أخلص لهذا المذهب إلى أن يتحقق الهدف الذي نسعى إليه ونصل إلى الفردوس المفقود الذي نبتغيه؟ أنا أعلم أنك لن تسأل هذا السؤال قادتك، لأن الشيوعية دين، والخاضع لهذا الدين لا يسأل، ونحن مصطبغون بدين حق، لنا مولانا الذي نحن عبيده، نوقن بما وعد ولا نشترط عليه تنفيذ ما وعد، هذه حقيقة أيها الإخوة، وينبغي أن تكون ماثلة أمام أبصارنا، ومع ذلك فدأبنا الدعاء ولن نبرح باب الله عز وجل، ندعوه تلك هي وظيفتنا أعطينا أم لم نعطى، تلك هي وظيفتنا، أما ربنا سبحانه وتعالى فهو يعلم، وهو أحكم الحاكمين،

(لَا يُسْأَلُ عَمَّا يَفْعَلُ وَهُمْ يُسْأَلُونَ)

أقول قولي هذا وأسأل الله العظيم أن يغفر لنا ذنوبنا، وأن يصلح أعمالنا، وأن يرزقنا صدق العبودية له.

عن الكاتب

منتدى اضويرمي هشام

التعليقات


اتصل بنا

إذا أعجبك محتوى مدونتنا نتمنى البقاء على تواصل دائم ، فقط قم بإدخال بريدك الإلكتروني للإشتراك في بريد المدونة السريع ليصلك جديد المدونة أولاً بأول ، كما يمكنك إرسال رساله بالضغط على الزر المجاور ...

جميع الحقوق محفوظة

مدونة تجريبية